عندما استعاد الشط أبلامه وصدحت إلهيوه وتطاولت مياه الشاطئ
لتنثر دموع الفرح
على ضفاف شط العرب
في ذلك الصباح
كان أهل البصرة على موعد
مع أشرعة الأمل
وعندما تحركت بؤر السلاح
لتوزع الموت على أحياء المدينة الصابرة
كانت حمامات السلام
قد طوحت برصاصات الحقد
لتزف البشرى
لدموع الأمهات
استاءت عيون الشر
لان الأمهات
كفكفن دموعهن
وتمنطقت زنابير الشيطان
خناجر الموت
فحلقت نوارس بيضاء
واستقطبت الشمس
زوايا الظلمة
عندما توقف شلال الدم
في تلك النهارات البصرية
كانت أمواج الشاطئ
تدفع الزبد
لتدفنه في رمال الساحل
و تندفع المياه
أمام الابلام العشاريه
لترسم على
صفحات الماء
كرنفالا من الفرح الطفو لي
واستعادت الموانئ
القها المفقود
ورسمت النوارس إكليل
قوس قزح
لتعانق سعفات النخيل
وغردت البلابل
وهي تتنفس الصعداء
وتنشر أعشاشها
في أخاديد الأرض العطشى
لتمسح القذى
وتزيل العفن
عن أديم الثرى
ومازالت الخورة
تستقبل زوارها
لكن شط العرب
مازال يذرف الدموع
وما زالت أحشائه
تقيء القيح
الجرح لما يندمل بعد
وأمواج الشاطئ
ما برحت
تلملم ثوبها الممزق
وعندما عاينت النوارس ذلك
نزفت ريشها ناصع البياض
لتنسج رداء .. بلون النخيل..
والسياب لما يزل
يغازل المطر
يدركه الظمأ
ومياه الشاطئ عند قدميه
ذبلت أزهار حديقته
أوراق الأشجار المحتضرة
تذروها الرياح في ساحته
وعندما استعاد عافيته
كانت النخلة
قد توسلت السياب
أن لا تغيب عن ذاكرته